من هم الأشخاص عديمو الجنسيّة؟

وفقًا لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR)، إن الشخص عديم الجنسية هو “شخص لا تعتبره أي دولة مواطنًا بموجب قانونها.” الأشخاص عديمو الجنسية هم أولئك الذين يفتقرون إلى الجنسية في أي بلد. اليوم ، ملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم هم عديمي الجنسية ، يولد بعضهم عديمي الجنسية ، ويصبح آخرون عديمي الجنسية.

لانعدام الجنسية تأثير خطير وطويل الأمد على الاشخاص عديمي الجنسية. بشكل بارز ، إنه يؤثر على حصولهم على الحقوق الأساسية التي يعتبرها معظم الناس أمرا مفروغا منه ، بما في ذلك حصولهم على الهوية القانونية والتعليم والرعاية الصحية والتوظيف وحرية التنقل والزواج.

تساهم عدة عوامل في انتشار حالات انعدام الجنسية ، وهذا يشمل: (1) عدم تسجيل المواليد ؛ (2) التمييز في الحصول على الجنسية على أساس العرق أو الجنس أو الدين أو اللغة ؛ (3) الفجوات في قوانين الجنسية في بلدان محددة ؛ (4) تنازع قوانين الجنسية بين الدول ؛ (5) ظهور دول جديدة وتغيرات في الحدود, و (6) فقدان الجنسية أو الحرمان منها – على سبيل المثال ، فقدان الجنسية بعد العيش خارج البلاد لفترة طويلة.

تُعدّ منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا موطنًا لمئات الآلاف من الأفراد عديمي الجنسية.

حالات انعدام الجنسيّة في دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

روابط

على الرغم من أن المواطنة أو الجنسية تُعتبر حقًا أساسيًا إذ تضمن العديد من حقوق الإنسان الأخرى، إلّا أنّ ملايين الأشخاص حول العالم محرومون منها، ما يجعلهم عديمي الجنسية. تتأثر منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشكل خاص بهذه المشكلة لأنها تستضيف أكبر عدد من عديمي الجنسية في العالم. ثمّة طرق مختلفة للحصول على الجنسية؛ بمعنى آخر، حق الدم الذي يضمن الحصول على الجنسية من خلال ارتباط عائلي في بلد ما؛ حق الأرض أي اكتساب الجنسية من خلال ارتباط إقليمي بالدولة؛ ومن خلال التجنيس أي الحصول على جنسية بلد إقامتك مع مرور الوقت. يحصل معظم الناس على جنسيتهم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من خلال حق الدم، إذ تعترف كافة البلدان في المنطقة بحق الدم الأبوي (عندما يمنح الوالد الجنسية). ومع ذلك، يُعدّ قانون الدم بالنسبة إلى الأم أكثر تعقيدًا ويُطبق بسهولة في خمس دول فقط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. فتزيد هذه الممارسات التمييزية مخاطر انعدام الجنسية. وبالمقارنة مع التشريعات الأخرى، تظهر عملية التجنيس في المنطقة على أنها معقدة أيضًا ولا ترتبط فقط بفترة إقامة محددة في الدولة.

إضافة إلى ذلك، لا يتطلب حق الجنسية فقط أن يكتسبها الشخص عند ولادته، لكن أيضًا فإن الحرمان التعسفي من الجنسية محظور. ومع ذلك، تتضمن كافة تشريعات دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أحكامًا يمكن للدول أن تحرم فيها جنسية الأفراد من دون موافقتهم. ويمكن للدول استخدامه لإخضاع تهديد محتمل للأمن المحلي أو للحفاظ على التوازن الديموغرافي للبلد. وأخيرًا، زاد تاريخ المنطقة بشكل ملحوظ مخاطر انعدام الجنسية، كما أعاق الإرث الاستعماري لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشكل فعّال الحصول على الجنسية. وبعد الاستقلال، تُرك بعض الحكام الذين افتقروا إلى الخبرة والتجربة يواجهون المهمة الصعبة لتسجيل سكان أراضيهم وتحديد فعلًا مَن ينتمي ومَن لا ينتمي إلى الدولة الجديدة.

غالبًا ما يواجه الأشخاص عديمو الجنسية صعوبات كبيرة في الحصول على الوثائق الأساسية، مثل وثائق الولادة أو بطاقات الهوية لإثبات هويتهم ووضعهم القانوني وجنسيتهم. فيحول هذا النقص في الوثائق بشكل خطير دون وصولهم إلى العديد من المنافع. ومن دون هذه الوثائق، يفقدون أي اعتبار لهم من الناحية القانونية والإدارية. بعبارة أخرى، يخلق انعدام الجنسية عقبات جسيمة في الوصول إلى الحقوق والخدمات التي تتراوح من الحق في مغادرة بلد ما والعودة إليه، بالإضافة إلى التعليم والسكن والرعاية الصحية ورخصة الزواج وتسجيل حالات الولادة والعدالة والعديد من المنافع الأخرى المرتبطة بالجنسية.

وفي حين أنّ القانون الدولي ينصّ على حق عديمي الجنسية بالتمتّع بمجموعة من حقوق الإنسان، فإن هذا الأمر ليس هو الحال دائمًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. إذ في الواقع، تشكّل أربع دولة فقط في المنطقة أطرافًا من اتفاقية بشأن وضع الأشخاص عديمي الجنسية في العام 1954، وهي الاتفاقية المعنيّة بضمان الاعتراف بالأشخاص عديمي الجنسية، وضمان حصولهم على الوثائق وتمتعهم بحقوق مختلفة. وعلى الرغم من أن تكون دولة ما طرفًا في اتفاقية عام 1954 لا يضمن هذا دائمًا الاحترام الكامل لموادها، إلّا أن هذا الأمر يوضّح على الأقل وعي الدولة بهذه المسألة.

يشكّل تسجيل حالات الولادة ركيزة جوهرية لمنع حالات انعدام الجنسية. وفي الواقع، يثبت الحصول على شهادات الولادة التي تبرهن مكان ولادة المولود الجديد وانتمائه الأبوي، حق الطفل في الجنسية وفقًا للقانون الواجب التطبيق. وتُعدّ كافة دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الدول الأطراف في اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989 التي تتطلب تسجيل حق كلّ طفل وتعيد التأكيد على حق الطفل في الحصول على جنسية، لكنّ انعدام الجنسية في مرحلة الطفولة لا تزال قائمة ومستمرّة في المنطقة.

تشير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى أنّ كلّ عشر دقائق يولد طفل عديم الجنسية في مكان ما في العالم. وتتنوّع أسباب انعدام الجنسية عند الولادة، كما ورث الكثيرون مثل بعض الأكراد السوريين، انعدام الجنسية من آبائهم عديمي الجنسية، في حين أنّ البعض الآخر هم أوّل مَن كانوا عديمي الجنسية في عائلاتهم، إما بسبب فجوة أو تضارب في قوانين الجنسية. وقد يعرّض النزوح القسري والهجرة الأطفال لأخطار كبيرة تتجلّى من خلال انعدام الجنسية. وعلى الرغم من أنّ الأطفال قد يحصلوا على الجنسية في بعض البلدان لأنهم ولدوا في أراضي الدولة، إلا أنّ هذه السياسة ليست مشتركة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

يشترط الحق في الجنسية الحصول على العديد من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية. وفي الواقع، يستفيد المواطنون من خلال جنسيتهم من عدد من الحقوق التي تحدّدها تشريعات الدولة. وبالتالي، يواجه الأشخاص عديمو الجنسية عقبات في الوصول إلى هذه الحقوق، بدءًا من الرعاية الصحية وصولًا إلى التعليم والخدمات الاجتماعية، فضلاً عن الوصول الكامل إلى سوق العمل، الأمر الذي يعيق بشكل خطير فرص سبل كسب الرزق المستدامة.

يخضع شخص من كل ثلاثة أشخاص عديمي الجنسية في العالم للنزوح قسرًا. إذ يمكن لظروف النزوح المتزعزعة وغير المستقرة، في بعض الأحيان، أن تزيد خطر حصول حالات انعدام الجنسية، بما في ذلك الأفراد الذين كانوا يمتلكون جنسيات سابقًا. وتتعلّق هذه القضية بشكل وثيق بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تشهد العديد من حالات النزوح والهجرة. بالإضافة إلى ذلك، تصبح ظروف النزوح أصعب بعد أن يكون الشخص قد أصبح عديم الجنسية. على سبيل المثال، يحرم انعدام الجنسية الأفراد أثناء تواجدهم في المنفى، من الحماية القنصلية و / أو الوصول إلى الخدمات.

ثمّة طرق مختلفة يمكن أن يواجه بها النازحون انعدام الجنسية، وتكمن إحدى هذه الطرق في فقد وثائق هوية اللاجئين أو إتلافها أو مصادرتها، ما يصعّب إثبات روابطهم مع بلدهم الأمّ. وعلى الرغم من أن نقص الوثائق لا يؤدي تلقائيًا إلى انعدام الجنسية، إلا أنه يجعل من الصعب إثبات جنسية الشخص. وثّمة طريقة أخرى تتمثّل في النزوح المستمر. ومع مرور الوقت، أصبح الحفاظ على الارتباط مع بلد المنشأ أمرًا صعبًا بشكل متزايد. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي انعدام الجنسية إلى النزوح، إذ نظرًا إلى أن مجتمعات عديمي الجنسية غالبًا ما تكون الضحية، يختار الكثيرون أو يُجبرون على مغادرة بلدهم الأم. وفي حين أنّ الوثائق مثل إثبات الهوية غالبًا ما تكون ضرورية للتقديم على إجراءات منح اللجوء والاستفادة من الحماية الدولية، إلّا أنّ طالبي اللجوء عديمي الجنسية يواجهون صعوبات إضافية.

آخر الأخبار

  • ندوة عبر الإنترنت: ″المواطنة والجنسية وقضايا انعدام الجنسية في الجزائر″ في 18 مايو 2023

    15/05/2023
    ستغطي هذه الندوة عبر الويب كل من الممارسات الجيدة في معالجة حالات انعدام الجنسية في الجزائر ، بالإضافة إلى الفجوات المتبقية. وسيضع هذا تحت مظلة القضايا المشتركة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. لن يعرض المتحدثون البحث الذي تم إجراؤه على الجزائر كجزء من هذا المشروع فحسب ، بل سيتعمقون أيضًا في مخاطر انعدام الجنسية والتحديات المتعلقة بالحصول على الوثائق المدنية والجنسية بين اللاجئين والمهاجرين. علاوة على ذلك ، سيناقش المتحدثون الدروس المستفادة فيما يتعلق بالتمييز بين الجنسين في قوانين الجنسية.
    للتسجيل اضغط هنا
    الندوة متاحة باللغتين العربية والإنجليزية.
  • ورشة عمل حول

    08/05/2023

    ستغطي ورشة العمل القضايا المشتركة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مع التركيز على القضايا الفريدة في المغرب. ستقدم العيادة أبحاثها الخاصة أيضًا ، مع تسليط الضوء على التمييز بين الجنسين في قانون الجنسية ، والعوائق في الوصول إلى الوثائق المدنية ، والصعوبات التي تواجه اللاجئين والمهاجرين في الحصول على حماية الجنسية. 
    رابط للخبر هنا
     للتسجيل في Zoom: هنا
    للتسجيل شخصيًا ، أرسل بريدًا إلكترونيًا: imccray@bu.edu
    الورشة متوفرة باللغتين الإنجليزية والعربية

أحدث المصادر عن انعدام الجنسية

  • الحياة على الهامش: إعادة فحص احتياجات الأشخاص اللاورقيين في عراق ما بعد الصراع

  • الفلسطينيون والبحث عن الحماية كلاجئين وعديمي الجنسية